فصل: شعر كعب بن مالك يرد على ضرار بن الخطاب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» **


 ما قيل من الشعر في يوم بدر

 ما قاله حمزة بن عبدالمطلب

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان مما قيل من الشعر في يوم بدر ، وترادَّ به القوم بينهم لما كان فيه ، قول حمزة بن عبدالمطلب يرحمه الله ‏‏:‏‏

- قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وأكثر أهل العلم بالشعر ينكرها ونقيضتها - ‏‏:‏‏

ألم تر أمراً كان من عجبِ الدهرِ * وللحَين أسبابٌ مبَينة الأمرِ

وما ذاك إلا أن قوما أفادهم * فخانوا تواصٍ بالعُقوق وبالكفرِ

عشيَّة راحوا نحو بدر بجمعهم * فكانوا رهونا للرَّكيَّة من بدرِ

وكنا طلبنا العير لم نبغِ غيرها * فساروا إلينا فالتقينا على قدرِ

فلما التقينا لم تكن مثنويةٌ * لنا غير طعن بالمثقَّفة السمرِ

وضرب ببيض يختلي الهام حدَّها * مشهَّرة الألوان بينةِ الأُثرِ

ونحن تركنا عُتبة الغي ثاويا * وشيبة في القتلى تجرجم في الجفر

وعمرو ثوى فيمن ثوى من حماتهم * فشُقت جيوب النائحات على عمرو

جيوب نساء من لؤي بن غالب * كرامٍ تفرَّعن الذوائبَ من فِهرِ

أولئك قوم قُتِّلوا في ضلالهم * وخلَّوا لواءً غير محتضِر النصرِ

‏لواء ضلال قاد إبليس أهله * فخاس بهم ، إن الخبيث إلى غدر

وقال لهم إذ عاين الأمر واضحا * برئت إليكم ما بي اليوم من صبر

فإني أرى ما لا ترون وإنني * أخاف عقاب الله والله ذو قَسرِ

فقدمهم للحَين حتى تورطوا * وكان بما لم يَخبُرِ القومُ ذا خُبرِ

فكانوا غداة البئر ألفا وجمعُنا * ثلاثُ مئين كالمسدمة الزُهرِ

وفينا جنود الله حين يمدنا * بهم في مقام ثمَّ مستوضَح الذكر

فشدَّ بهم جبريل تحت لوائنا * لدى مأزق فيه مناياهم تجري

رد هشام بن المغير ة على ما قاله حمزة

فأجابه الحارث ابن هشام بن المغيرة ، فقال

ألا يا لقومي للصبابة والهجر * وللحزن مني والحرارة في الصدر

وللدمع من عينيَّ جوداً كأنه * فريدٌ هوى من سلك ناظمه يجري

على البطل الحلو الشمائل إذ ثوى * رهينَ مقام للركَّيةِ من بدر

فلا تبعدن يا عمرو من ذي قرابة * ومن ذي نِدام كان ذا خلق غَمر

فإن يك قوم صادفوا منك دولة * فلا بد للأيام من دول الدهر

فقد كنتَ في صرف الزمان الذي مضى * تُريهم هوانا منك ذا سبل وعرِ

فإلا أمتْ يا عمرو أتركك ثائرا * ولا أبق بقيا في إخاء ولا صِهر

وأقطع ظهرا من رجال بمعشر كرامٍ * عليهم مثل ما قطعوا ظهري

أغرهم ما جمَّعوا من وشيظة * ونحن الصميم في القبائل من فِهر ‏

فيا للؤي ذبِّبوا عن حريمكم * وآلهة لا تتركوها لذي الفخر

توارثها أباؤكم وورثتم * أواسيَّها والبيت ذا السقف والستر

فما لحليم قد أراد هلاككم * فلا تعذروه آلَ غالبَ من عذر

وجِّدوا لمن عاديتم وتوازروا * وكونوا جميعاً في التأسي وفي الصبر

لعلكم أن تثأروا بأخيكم * ولا شيء إن لم تثأروا بذوي عمرو

بمَطّرِدات في الأكف كأنها * وميض تُطير الهام بيَّنة الأُثر

كان مَدبَّ الذَّر فوق متونها * إذا جردت يوما لأعدائها الخُزر

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ أبدلنا من هذه القصيدة كلمتين مما روى ابن إسحاق ، وهما ‏‏(‏‏ الفخر ‏‏)‏‏ في أخر البيت و‏‏(‏‏ فما لحليم ‏‏)‏‏ ، في أول البيت ، لأنه نال فيهما من النبي صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏

 شعر لعلي بن أبي طالب في يوم بدر

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال علي بن أبي طالب في يوم بدر ‏‏:‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ولم أر أحداً من أهل العلم بالشعر يعرفها ولا نقيضتها ، وإنما كتبناهما لأنه يقال ‏‏:‏‏ إن عمرو بن عبدالله بن جدعان قتل يوم بدر ، ولم يذكره ابن إسحاق في القتلى ، وذكره في هذا الشعر ‏‏:‏‏

ألم تر أن الله أبلى ورسوله * بلاء عزيز ذي اقتدار وذي فضل

بما أنزل الكفار دار مذلة * فلاقوا هوانا من إسارٍ ومن قتل

فأمس رسول الله قد عز نصره * وكان رسول الله أرسل بالعدل

فجاء بفرقان من الله منزل * مبينةٌ آياته لذوي العقل

فآمن أقوام بذاك وأيقنوا * فأمسوا بحمد الله مجتمعي الشمل

وأنكرأقوام فزاغت قلوبهم * فزادهمُ ذو العرش خَبلاَ على خبلا

وأمكن منهم يوم بدر رسوله * وقوماً غضاباً فِعلهم أحسن الفعل

بأيديهم بيض خفاف عصوا بها * وقد حادثوها بالجلاء وبالصقل

فكم تركوا من ناشئ ذي حميَّة * صريعا ومن ذي نجدة منهم كهل

تبيت عيون النائحات عليهم * تجود بإسبال الرشاش وبالوبل

نوائح تنعى عُتبة الغيِّ وابنه * وشيبة تنعاه وتنعى أبا جهل

وذا الرجل تنعى وابن جدعان فيهم * مسلِّبَةً حرَّى مبيَّنة الثُكل

ثوى منهم في بئر بدر عِصابة * ذوي نجدات في الحروب وفي المحل

دعا الغي منهم من دعا فأجابه * وللغيِّ أسباب مرمقة الوصل

فأضحوا لدى دار الجحيم بمعزل * عن الشَغب والعداون في أشغل الشغل

شعر الحارث بن هشام يرد به على علي رضي الله عنه

فأجابه الحارث بن هشام بن المغيرة ، فقال ‏‏:‏‏

عجبت لأقوام تغنىَّ سفيههم * بأمر سفاه ذي اعتراض وذي بطل

تغنى بقتلى يومَ بدر تتابعوا * كرام المساعي من غلام ومن كهل

مصاليتَ بيض من لؤي بن غالب * مَطاعين في الهيجا مَطاعيم في المحل

أُصيبوا كراما لم يبيعوا عشيرة * بقوم سواهم نازحي الدار والأصل

كما أصبحت غسان فيكم بطانة * لكم بدلا منا فيا لك من فعل

عقوقا وإثما بينا وقطيعة * يرى جَوركم فيها ذوو الرأي والعقل

فإن يك قوم قد مضوا لسبيلهم * وخير المنايا ما يكون من القتل

فلا تفرحوا أن تقتلوهم فقتلهم * لكم كائن خبلا مقيما على خبل

فإنكم لن تبرحوا بعد قتلهم * شتيتا هواكم غيرُ مجتمعي الشمل

بفقد ابن جدعان الحميد فعاله * وعتبة والمدعو فيكم أبا جهل

وشيبة فيهم والوليد وفيهم * أمية مأوى المعترين وذو الرِجل

أولئك فابك ثم لا تبك غيرهم * نوائح تدعو بالرزية والثكل

وقولوا لأهل المكتين تحاشدوا * وسيروا إلى آطام يثرب ذي النخل

جميعاً وحاموا آل كعب وذبِّبُوا * بخالصة الألوان محدثة الصقل

وإلا فبيتوا خائفين وأصبحوا * أذل لوطء الواطئين من النعل

على أنني واللات يا قوم فاعلموا * بكم واثق أن لا تقيموا على تَبل

سوى جمعكم للسابغات وللقنا * وللبَيْض والبيض القواطع والنبل

 شعر ضرار بن الخطاب في يوم بدر

وقال ضرار بن الخطاب بن مرادس ، أخو بني محارب بن فهر في يوم بدر ‏‏:‏‏

عجبت لفخر الأوس والحَين دائر * عليهم غدا والدهر فيه بصائر

وفخر بني النجار إن كان معشر * أصيبوا ببدر كُلِّهم ثمَّ صابر

فإن تك قتلى غودرت من رجالنا * فإنا رجال بعدهم سنغادر

وتَردي بنا الجرد العناجيج وسطكم *بني الأوس حتى يشفي النفس ثائر

ووسط بني النجار سوف نكرُّها * لها بالقنا والدارعين زوافر

فنترك صرعى تعصب الطير حولهم * وليس لهم إلا الأماني ناصر

وتبكيهم من أهل يثرب نسوة * لهن بها ليل عن النوم ساهر

وذلك أنا لا تزال سيوفنا * بهن دم ممن يحاربن مائر

فإن تظفروا في يوم بدر فإنما * بأحمد أمسى جدكم وهو ظاهر

وبالنفر الأخيار هم أولياؤه * يحامون في اللأواء والموت حاضر

يعد أبو بكر وحمزة فيهم * ويدعى علي وسط من أنت ذاكر

ويدعي أبو حفص وعثمان منهم * وسعد إذا ما كان في الحرب حاضر

أولئك لا من نتَّجت في ديارها * بنو الأوس والنجار حين تفاخر

ولكن أبوهم من لؤي بن غالب * إذا عُدت الأنساب كعب وعامر

هم الطاعنون الخيل في كل معرك * غداة الهياج الأطيبون الأكاثر

 شعر كعب بن مالك يرد على ضرار بن الخطاب

فأجابه كعب بن مالك ، أخو بني سلمة ، فقال ‏‏:‏‏

عجبت لأمر الله والله قادر * على ما أراد ، ليس لله قاهر

قضى يوم بدر أن نلاقيَ معشرا * بغوا وسبيل البغي بالناس جائر

وقد حشدوا واستنفروا من يليهم * من الناس حتى جمعهم متكاثر

وسارت إلينا لا تحاول غيرنا * بأجمعها كعب جميعا وعامر

وفينا رسول الله والأوس حوله * له معقل منهم عزيز وناصر

وجمع بني النجار تحت لوائه * يمشُّون في الماذيِّ والنقع ثائر

فلما لقيناهم وكل مجاهد * لأصحابه مستبسل النفس صابر

شهدنا بأن الله لا رب غيره * وأن رسول الله بالحق ظاهر

وقد عريت بيض خفاف كأنها * مقابيس يزهيها لعينيك شاهر

بهن أبدنا جمعهم فتبددوا * وكان يلاقي الحين من هو فاجر

فكبَّ أبو جهل صريعا لوجهه * وعتبة قد غادرنه وهو عاثر

وشيبة والتيمي غادرن في الوغى * وما منهم إلا بذي العرش كافر

فأمسوا وقود النار في مستقرها * وكل كفور في جهنم صائر

تلظى عليهم وهي قد شب حميها * بزبُر الحديد والحجارة ساجر

وكان رسول الله قد قال أقبلوا فولوا وقالوا ‏‏:‏‏

إنما أنت ساحر

لأمر أراد الله أن يهلكوا به * وليس لأمر حمَّه الله زاجر

شعر عبدالله بن الزبعرى يبكي قتلى بدر

وقال عبدالله ابن الزبعرى السهمي ، يبكي قتلى بدر ‏‏:‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وتروى للأعشى بن زرارة بن النباش ، أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم ، حليف بني نوفل بن عبد مناف ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ حليف بني عبدالدار ‏‏:‏‏

ماذا على بدر وماذا حوله * من فتية بيض الوجوه كرام ‏

تركوا نُبيهاً خلفهم ومُنبها * وابني ربيعة خير خصم فئام

والحارث الفياض يبرق وجهه * كالبدر جلَّى ليلة الإظلام

والعاصي بن منبه ذا مرة * رمحا تميما غير ذي أوصام

تنمى به أعراقه وجدوده * ومآثر الأخوال والأعمام

وإذا بكى باك فأعول شجوه * فعلى الرئيس الماجد ابن هشام

حيا الإله أبا الوليد ورهطه * رب الأنام وخصهم بسلام